اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 432
ثم قال: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ يعني: في الدنيا بالتوحيد أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ يعني: وحدوا الله وأطيعوه رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً يعني: على بني إسرائيل، أي:
بلغتهم الرسالة. ويقال: شهيداً يعني: حفيظاً بما أمرتهم مَّا دُمْتُ فِيهِمْ يعني: ما دمت مقيماً في الدنيا بين أظهرهم.
فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي يعني: رفعتني إلى السماء كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ يعني: الحفيظ والشاهد عليهم. وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ من مقالتي ومقالتهم. وما أدري ما أحدثوا بعدي إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قرأ ابن مسعود:
فَإِنَّكَ أَنتَ الغفور الرحيم وقرأ غيره: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فإن قيل: وكيف سأل المغفرة للكفار. قيل له: لأن عيسى علم أن بعضهم قد تاب ورجع عن ذلك. فقال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ يعني: الذين ماتوا على الكفر، فإنهم عبادك وأنت القادر عليهم وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يعني: الذين أسلموا ورجعوا عن ذلك. وقال بعضهم: احتمل أنه لم يكن في كتابه إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 116] فلهذا المعنى دعا لهم، ولكن التأويل الأول أحسن. ويقال: إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يعني: لكذبهم الذي قالوا عليّ خاصة، لا لشركهم. وهذا التأويل ليس بسديد، والأول أحسن. وروي عن أبي ذر الغفاري عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية ذات ليلة، فردّدها حتى أصبح: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ الآية وقال بعضهم: في الآية تقديم وتأخير ومعناه: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنك أنت العزيز الحكيم وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فإنهم عبادك قوله تعالى:
[سورة المائدة (5) : الآيات 119 الى 120]
قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)
قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ قرأ نافع: هذا يَوْمُ بالنصب. وقرأ الباقون:
بالرفع. فمن قرأ بالنصب فعلى الظرف. أي: قال الله تعالى: هذا لعيسى في يوم ينفع الصادقين صدقهم ومن قرأ: بالرفع فعلى معنى خبر هذا يعني، هذا يوم ينفع الموحدين توحيدهم. ويقال:
ينفع النبيين صدقهم بتبليغ الرسالة. ويقال: ينفع المؤمنين إيمانهم لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يعني: ثوابهم جنات تجرى من تحتها الانهار خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بالطاعة وَرَضُوا عَنْهُ بالثواب ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يعني: المؤمنين فازوا بالجنة.
قوله تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: خزائن السموات والأرض وَما فِيهِنَّ من الخلق كلهم عبيده وإماؤه وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يعني: من خلق عيسى من غير بشر والله أعلم بالصواب.
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 432